• غياب التوافق بين منتجي النفط يبدد الآمال في خفض الإنتاج

    01/02/2016

    هبوط مفاجئ للأسعار بضغط بيانات ضعيفة في الصين وكوريا
     غياب التوافق بين منتجي النفط يبدد الآمال في خفض الإنتاج 
     
    لم تنجح بيانات عن تراجع منصات الحفر الأمريكية وانخفاض إنتاجها في دفع الأسعار إلى التعافي.
     
    أسامة سليمان من فيينا
     

    استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع في الأسواق الدولية على هبوط مفاجئ بلغ 3 في المائة، وذلك على أثر بيانات اقتصادية ضعيفة في كل من الصين وكوريا الجنوبية، وهما يمثلان أبرز ركائز الطلب العالمي على النفط الخام.
    واستمر مسلسل الصعوبات المالية والاقتصادية التي تواجه الاقتصاد الصيني بصفة خاصة، وهو ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وتتبنى بكين خططا متوالية لتخفيز الاقتصاد وخفض العملة دعما للصادرات، إلا أن قطاع الصناعات التحويلية سجل الشهر الماضي أسوأ وتيرة في ثلاث سنوات، في علامة جديدة تؤكد تباطؤا حادا في نمو اقتصاد الصين.
    وترافق الضعف المفاجئ في مستويات الطلب مع استمرار حالة الجدل في الأسواق، حول الخطوة المرتقبة من المنتجين في دول "أوبك" وخارجها من المستقلين للتوافق على دعم السوق وتقليل فائض المعروض، إلا أن البعض شكك في إقدام المنتجين على هذه الخطوة، في ظل ظروف السوق الراهنة، ما أضعف الآمال في حدوث هذا التوافق المنتظر.
    كما لم تنجح بيانات عن تراجع منصات الحفر الأمريكية وانخفاض إنتاج النفط الأمريكي في دفع الأسعار إلى التعافي، حيث تزامن ذلك مع ارتفاع مستوى صادرات "أوبك" في شهر يناير الماضي.
    من جهته، قال لـ "الاقتصادية" روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" البريطانية للاستشارات المالية، "إن من الضروري حسم المفاوضات بين المنتجين حول قضية خفض الإنتاج، في أقرب فرصة من أجل استعادة التوازن إلى السوق، أما ترك الملف بدون حسم والشائعات في السوق، فسيترجم إلى استمرار حالة التقلبات السعرية الحادة في الأسواق".
    وأشار إلى أن تباين مواقف المنتجين سيطر على السوق خلال الأسبوع الماضي، وقال "وجدنا روسيا وفنزويلا تؤكدان حدوث التوافق بين المنتجين وأن الأمر قريب جدا، إلا أنه في المقابل وجدنا منظمة أوبك وأطرافا أخرى تلتزم الصمت الشديد، وهو ما جعل الأسبوع يبدأ على انخفاضات حادة جديدة بعدما بدأت المخاوف تزيد من صعوبة التوصل إلى توافق".
    وأضاف، أن "مؤشرات الطلب بدأت تعاملات الأسبوع أيضا على بيانات مقلقة، وإذا أضفنا إلى ذلك الشكوك حول معدلات نمو الاقتصاد الدولي نجد أنفسنا أمام مشهد اقتصادي معقد".
    من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية" ايفيليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغارى في فيينا، أن اشتداد المنافسة على الحصص السوقية والتسابق الإنتاجى يجعل مهمة توافق المنتجين صعبة للغاية.وأشار إلى وجود منافسة روسية أمريكية خاصة في الأسواق الأوروبية وبشكل أكبر في مجال الغاز، منوها بالمباحثات التي أجريت الأسبوع الماضي في موسكو بين قيادات شركتي الطاقة العملاقتين "جازبروم" الروسية و"إيني" الإيطالية، التي ركزت على أهمية زيادة الشراكة والتعاون بين الشركتين في أسواق إيطاليا.
    وأضاف، أن "الأسواق الإيطالية كانت من أوائل الأسواق التي استقبلت شحنات النفط والغاز الطبيعي المسال الأمريكي عقب رفع الحظر التاريخي لتصدير النفط والغاز الأمريكي إلى الخارج"، مشيرا إلى أن الشركتين ركزتا على مناقشة مستقبل أسعار النفط والغاز والمنافسة بين المنتجين في ضوء تخمة المعروض.
    وأضاف، أنه "في ضوء المنافسة الحادة في الأسواق الأوروبية، خاصة بعد قدوم النفط والغاز الأمريكيين تسعى روسيا إلى تعزيز صادراتها إلى أوروبا من خلال إبرام عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز بشكل خاص إلى الشركاء الأوروبيين".
    بدوره، بين لـ "الاقتصادية" لويس ديل باريو المحلل في مجموعة "بوسطن" للاستشارات الاقتصادية في إسبانيا، أن هناك جهودا جيدة يقوم بها المنتجون التقليديون نحو تنويع موارد الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقة البديلة كاستراتيجية مستقبلية جيدة، لمواجهة التغيرات في سوق الطاقة الدولية.
    وأشار إلى وجود جهود خليجية جيدة لتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية، علاوة على إشارة الإمارات لأول مرة إلى استراتيجية اقتصادية جديدة بعيدا عن الاعتماد على صادرات النفط الخام.
    وتابع، أن "مواقف أغلب المنتجين اتسمت بالمرونة والرغبة في التعاون وعلى رأسهم السعودية وروسيا والعراق"، مشيرا إلى ضرورة أن تتكاتف الجهود من أجل منع انهيار السوق، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج سلبية واسعة في الاقتصاد الدولي وفي مصالح المنتجين والمستهلكين على السواء".
    من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، هبطت أسعار النفط أكثر من 3 في المائة يوم الإثنين بعد صدور بيانات ضعيفة من كوريا الجنوبية والصين، كما تضررت السوق نتيجة انحسار توقعات بخفض منسق للإنتاج من جانب الدول الكبرى المصدرة للخام. وأظهرت بيانات صينية انكماش قطاع الصناعة التحويلية بأسرع وتيرة منذ 2012 في كانون الثاني يناير، ما عزز المخاوف إزاء الطلب من الصين التي كانت في وقت ما أكبر مستهلك في العالم، في وقت ترزح فيه السوق بالفعل تحت وطأة تخمة كبيرة في المعروض. كما تبدو البيانات الصادرة من كوريا الجنوبية قاتمة، إذ تراجعت الصادرات إلى مستويات لم تشهدها الدولة الآسيوية منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.
    وهبط "برنت" في المعاملات الآجلة إلى 34.99 دولار للبرميل متأثرا بالبيانات الاقتصادية الصينية، فيما نزل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.29 دولار إلى 32.85 دولار للبرميل. وتراجعت أسعار النفط العالمية أمس في مستهل تعاملات الأسبوع، بعد مكاسب قوية على مدار أسبوعين، ضمن عمليات الارتداد من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، إضافة إلى بيانات ضعيفة في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وارتفاع إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" الشهر الماضي. وبحلول الساعة 09:10 بتوقيت جرينتش تراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 32.90 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 33.71 دولار وسجل أعلى مستوى 34.06 دولار وأدنى مستوى 32.68 دولار، فيما نزل خام برنت إلى 35.35 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 35.79 دولار وسجل أعلى مستوى 36.23 دولار وأدنى مستوى 34.95 دولار.
    وحقق الخام الأمريكي "تسليم مارس" يوم الجمعة ارتفاعا طفيفا بلغ نحو 0.1 في المائة، فى رابع مكسب يومي على التوالي، بعدما سجل في اليوم السابق أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع 34.79 نقطة، وصعدت عقود برنت "عقود أبريل" بنسبة 1.5 في المائة، وسجلت يوم الخميس مستوى 36.73 نقطة الأعلى منذ 5 كانون الثاني (يناير) المنقضي.
    وعلى مدار تعاملات الأسبوع الماضي حقق الخام الأمريكي ارتفاعا فاق 5 في المائة، وسجل خام برنت ارتفاعا بنسبة 9 في المائة، في ثاني مكسب أسبوعي على التوالي لأسعار النفط بفعل آمال خفض المعروض العالمي، بعد مرونة روسيا والسعودية أكبر منتجي النفط في العالم تجاه خفض مستويات الإنتاج.
     

     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية